الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد بقلم حسين الديماسي: هــــل يـمكن ان نكون متفائلين اليوم؟

نشر في  23 جانفي 2018  (09:47)

لا آمل في الأفق للخروج من هذا النفق المظلم ما دمنا نتخبط في مآسي النظام السياسي العقيم

أصبحنا في حالة «هز ساق تغرق لخرى»

تتجه الحكومات أكثر فأكثر الى مسلك جديد بانتهاج ضغط جبائي خانق

بحلول 2018 تكون قد مرت على الانتفاضة «المجيدة» سبع سنوات وهي سنوات عجاف لم تفلح فيها الحكومات المتتالية التي شهدتها البلاد في أي وجه من أوجه الحياة.
ولم تسلم المالية العمومية من هذا التيار العارم من الفشل تلو الفشل حيث أغرقت حكومات ما بعد الانتفاضة ميزانية الدولة في نفقات مهولة منهكة. من ذلك أن هذه الحكومات جنحت بلا تروي في الوظيفة والمؤسسات العمومية إلى انتدابات عشوائية وزيادات ضخمة في الأجور والمنح، كما جنحت هذه الحكومات إلى توسيع رقعة المنتفعين ببرنامج العائلات المعوزة دون التثبت في الحالة الاجتماعية الحقيقية للمنتفعين، من ناحية، وبرامج التشغيل الوهمية العقيمة، من ناحية أخرى.
وفي نفس السياق أبقت هذه الحكومات على حالها نفقات الدعم المضنية وهي نفقات لا تتسبب فقط في انهاك ميزانية الدولة وإنما أيضا في تبذير قسط وافر من ثروات البلاد.
وفي مرحلة أولى امتدت بين 2011 و 2016 واجهت حكومات ما بعد الانتفاضة هذا الحمل الثقيل من النفقات الشعبوية بالموارد المتأتية من تصفية بعض ممتلكات الدولة التي وقعت خوصصتها أو مصادرتها وكذلك وبالخصوص من الاقتراض حيث انغمست البلاد في الديون العصيبة الى العنق.
وهكذا سلكت حكومات ما بعد الانتفاضة مسلكا مهلكا اذ أغرقت هذه الحكومات البلاد في المديونية الخانقة لا بغاية التنمية وانما بغاية الاستهلاك.
وازاء الصعوبات التي أصبحت تلقاها الحكومات التونسية في التحصل على قروض اضافية جديدة غيرت في مرحلة ثانية وجهتها حيث أصبحت تعطي أهمية أكبر للجلد الجبائي بغاية تعبئة موارد اضافية للهث وراء نفقات الميزانية المتصاعدة بنسق مذهل. وقد برزت بوادر هذا المنهج الجديد من خلال قانون مالية 2017 ثم بان هذا المنهج بوضوح من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2018، اذ نص هذا القانون على عديد الاجراءات منها بالخصوص تلك التي تثقل معاليم القيمة المضافة والاستهلاك والديوانة والتسجيل أو تلك التي تثقل الأداءات المباشرة سواء كان ذلك على عاتق الأشخاص أو على عاتق المؤسسات. وعموما تتجه الحكومات أكثر فأكثر الى مسلك جديد بانتهاج ضغط جبائي خانق بغاية الزيادة في الأجور ولكن أيضا وبالخصوص بغاية تسديد الديون العمومية السابقة الضخمة. ومما لا شك فيه فسوف يكون لذلك المسلك انعكاسات اقتصادية واجتماعية سيئة للغاية كالتآكل الفادح للقدرة الشرائية للتونسيين وتعطل الدورة الاقتصادية وفقدانها للقدرة التنافسية.
ولا آمل في الأفق للخروج من هذا النفق المظلم ما دمنا نتخبط في مآسي النظام السياسي العقيم الذي أفرزه الدستور الجديد والقانون الانتخابي الذي تلاه. ذلك أن هذا النظام السياسي لا يمكن افراز الا حكومات تائهة بائسة تفتقد الجرأة والقدرة على الاصلاح. ولهذا السبب فإننا أصبحنا في حالة «هز ساق تغرق لخرى».